الاثنين، 22 أبريل 2013

أربعة عناوين شخصية....محمود درويش - فلسطين

 غرفة في فندق
سلامٌ على الحب يوم يجيءُ
ويوم يموتُ، ويومَ يُغَيِّرُ أصحابَهُ في الفنادِقِ
هل يخسرُ الحبُّ شيئًا? سنشربُ قهوتنا في مساءِ الحديقةِ
نروي أحاديثَ غربتنا في العشاءِ
ونمضي إلى حجْرةٍ كي نتابع بحث الغريبين عن ليلةٍ من حنانٍ، إلخ.. إلخ..
سننسى بقايا كلام على مقعدين
سننسى سجائرنا، ثم يأتي سوانا ليكمل سهرتنا والدخان
سننسى قليلاً من النوم فوق الوسادة
يأتي سوانا ويرقد في نومنا، إلخ.. إلخ
كيف كُنَّا نُصَدِّقُ أجسادَنا في الفنادقِ؟
كيف نُصَدِّقُ أَسرارنَا في الفنادق؟
يأتي سوانا، يُتابع صرختنا في الظلام الذي وَحَّدَ الجسدينْ
ولسنا سوى رَقمين ينامان فوقَ السرير .. إلخ.. إلخ..
المشاع المشاع، يقولان ما قاله عابرانِ على الحبِّ قبل قليل
ويأتي الوداعُ سريعًا سريعًا
أما كان هذا اللقاء سريعًا لننسى الذين يحبوننا في فنادق أخرى؟
أما قلتِ هذا الكلام الإباحيَّ يومًا لغيري؟
أما قلتُ هذا الكلام الإباحيَّ يومًا لغيرك في فندقٍ آخر أو هنا فوق هذا السريرِ؟
سنمشي الخطى ذاتها كي يجيءَ سوانا ويمشي الخطى ذاتها.. إلخ.. إلخ



أربعة عناوين شخصية(2)....محمود درويش - فلسطين

 مقعدٌ في قطار-
مناديلُ ليست لنا
عاشقاتُ الثواني الأخيرةِ
ضوءُ المحطة
وردٌ يُضَلِّل قلبًا يُفَتِّش عن معطفٍ للحنانِ
دموعٌ تخونُ الرصيفَ. أساطيرُ ليست لنا
من هنا سافروا، هل لنا من هناك لنفرحَ عند الوصول؟
زنابقُ ليست لنا كي نُقَبِّل خط الحديد
نسافر بحثًا عن الصِّفْر
لكننا لا نحبُّ القطارات حين تكون المحطات منفى جديدًا
مصابيحُ ليستْ لنا كي نرى حُبَّنا واقفًا في انتظار الدخانِ
قطارٌ سريعٌ يَقُصُّ البحيراتِ
في كُل جيبٍ مفاتيحُ بيتٍ وصورةُ عائلةٍ
كُلُّ أهلِ القطارِ يعودون للأهلِ، لكننا لا نعودُ إلى أي بيت
نسافرُ بحثًا عن الصفرْ كي نستعيد صواب الفراش
نوافذُ ليستْ لنا، والسلامُ علينا بكُلِّ اللغات
تُرى، كانت الأرضُ أوضحَ حين ركبنا الخيولَ القديمةَ؟
أين الخيول، وأين عذارى الأغاني، وأين أغاني الطبيعة فينا؟
بعيدٌ أنا عن بعيديَ
ما أبعد الحبّ! تصطادنا الفتياتُ السريعاتُ مثل لصوصِ البضائعِ
ننسى العناوين فوقَ زجاج القطاراتِ
نحن الذين نحبُّ لعشر دقائقَ لا نستطيع الرجوعَ إلى أي بيتٍ دخلناه
لا نستطيع عبور الصدى مرتين

أربعة عناوين شخصية.(1)......محمود درويش - فلسطين

 متر مربع في السجن

هو البابُ، ما خلفه جنَّةُ القلب. أشياؤنا
- كُلُّ شيء لنا - تتماهى. وبابٌ هو الباب،
بابُ الكنايةِ، باب الحكاية. بابٌ يُهذِّب أيلولَ.
بابٌ يعيد الحقولَ إلى أوَّل القمحِ.
لا بابَ للبابِ لكنني أستطيع الدخول إلى خارجي
عاشقًا ما أراهُ وما لا أراهُ
أفي الأرض هذا الدلالُ وهذا الجمالُ ولا بابَ للبابِ؟
زنزانتي لا تضيء سوى داخلي..
وسلامٌ عليَّ، سلامٌ على حائط الصوتِ
ألَّفْتُ عشرَ قصائدَ في مدْح حريتي ههنا أو هناك
أُحبُّ فُتاتَ السماءِ التي تتسلل من كُوَّة السجن مترًا من الضوء تسبح فيه الخيول،
وأشياءَ أمِّي الصغيرة..
رائحةَ البُنِّ في ثوبها حين تفتح باب النهار لسرب الدجاجِ
أُحبُّ الطبيعةَ بين الخريفِ وبين الشتاءِ
وأبناءَ سجَّانِنا، والمجلاَّت فوق الرصيف البعيدِ
وألَّفْتُ عشرين أُغنيةً في هجاء المكان الذي لا مكان لنا فيهِ
حُرّيتي: أن أكونَ كما لا يريدون لي أن أكونَ
وحريتي: أنْ أوسِّع زنزانتي: أن أُواصل أغنيةَ البابِ
بابٌ هو البابُ: لا بابَ للبابِ
لكنني أستطيع الخروج إلى داخلي، إلخ.. إلخ

الجمعة، 19 أبريل 2013

ريتا - محمود درويش - فلسطين

بين ريتا وعيوني ... بندقية
والذي يعرف ريتا، ينحني
ويصلي
لإله في العيون العسلية
... وأنا قبَّلت ريتا
عندما كانت صغيرة
وأنا أذكر كيف التصقت
بي ، وغطت ساعدي أحلى ضفيرة
وأنا أذكر ريتا
مثلما يذكر عصفورٌ غديره
آه ... ريتا
بينما مليون عصفور وصورة
ومواعيد كثيرة
أطلقت ناراً عليها ... بندقية
اسم ريتا كان عيداً في فمي
جسم ريتا كان عرساً في دمي
وأنا ضعت بريتا ... سنتين
وهي نامت فوق زندي سنتين
وتعاهدنا على أجمل كأس ، واحترقنا
في نبيذ الشفتين
وولدنا مرتين
آه ... ريتا
أي شيء ردَّ عن عينيك عينيَّ
سوى إغفاءتين
وغيوم عسلية
!قبل هذي البندقية
كان يا ما كان
يا صمت العشيّة
قمري هاجر في الصبح بعيداً
في العيون العسلية
والمدينة
كنست كل المغنين، وريتا
بين ريتا وعيوني ... بندقية

الثلاثاء، 2 أبريل 2013

فراقكم مسمار في قلبي

.أذكر بحزن عميق
يوم صرخت في وجهي;
كيف دخلت حياتي..!
آه أيها الغريب...!
كنت أعرف منذ اللحظات الأولى
أنني عابرة سبيل في عمرك
... وأنني لن أملك إلا الخروج من جناتك
حاملة في فمي إلى الأبد
طعم تفاحك وذكراه ..,
لقد مات الأمل..!
ولذا تساوت الأشياء واللقاء والفراق
كلاهما عذاب و أمران أحلاهما مر..!


غاده السمان




Loie Fuller

الحقيقة

كي أكتب نصوصاً موجعة وجميلة
أحتاج أن يُجهش حبري بك .
لذا أمام أوراقي أستحضرك ، أعتصرك
لا قطرة من سمّ عشقك لي إلاّ و أحتسيها
... لكن ، بألمٍ كاذب
قصد توثيق نصّ نجاتي من لدغتك ، ليس أكثر
في الواقع
لعلّك متَّ مذ غدوتَ عندي مجرّد حاجةٍ أدبيّة .
إنّ حُباً نكتب عنه ، هو حبٌّ ما عاد موجوداً .
 
احلام مستغانمي

الاثنين، 1 أبريل 2013

لا أحد منا يفكر بصوت عال ولكن كثيرات يبتسمن بدون أرتباك ، لأننا نلقي أبتسامتنا يمنه ويسره بدون أن نخشي أنفضاح أمرنا أو نفاذ دهائنا

الأسود يليق بك

حاولت أن تخفي عن الجميع دمارها الداخلي. كان يلزمها إعادة إعمار عاطفي، كأنّها مدينة مرّ بها هولاكو، فأهلك كلّ ما كان جميلاً فيها. عزاؤها أنّها استطاعت أن تنقذ من الدمار كرامتها... وذلك الشيء الذي لم تمنحه إيّاه.
استيقظت من أحلام منتهية الصلاحيّة، كأنّ شيئًا ممّا حدث لم يحدث. لقد عاشت سنتان مأخوذة بألاعيب ساحر ماكر. كؤلئك السحرة الذين يخرجون من قبّعاتهم... حَمامًا... وأوراقًا نقديّة. لكن لا الحمام يمكن الإمساك به، ولا الأوراق النقديّة صالحة للإنفاق.
.لقد ترك لها ثروة الذكريات.. بينما كانت تتوقّع أن يهديها مشاريع حياة.

احلام مستغانمى

David Mor


David Mor





الأحد، 31 مارس 2013

وطني خريطه

هذي الأرض تكره من يكبلها تعشق من يقبلها ليحييها


منذ سنين وهذي الأرض مقهورة

نعلقلها على الجدران كالصورة

نبروزها ...

... نلون جبلها اخضر

ونرسم سهلها احمر

نزيد خطوطها حدة , لكي لا تظهر الاجزاء مبتورة

نعلقها بصدر البيت

نطرز حولها اكليل

ونكتب تحتها وطني

وننسى كل ما فيها

ننسى من يمد ترابها بالزيت

ننسى من يغذيها وننسى من يصبرها ويعطيها

ننسى حبرها المجبول بالزعتر

وننسى ان طفلا بات يضحكها ويبكيها

فهذي الأرض تكره من يكبلها

هذي الارض تعشق من يقبلها ليحييها

هذي الأرض تكره من يكبلها تعشق من يقبلها ليحييها

منذ سنين وهذي الأرض مقهورة

نعلقلها على الجدران كالصورة

نبروزها ...

... نلون جبلها اخضر

ونرسم سهلها احمر

نزيد خطوطها حدة , لكي لا تظهر الاجزاء مبتورة



نعلقها بصدر البيت

نطرز حولها اكليل

ونكتب تحتها وطني

وننسى كل ما فيها

ننسى من يمد ترابها بالزيت

ننسى من يغذيها وننسى من يصبرها ويعطيها

ننسى حبرها المجبول بالزعتر

وننسى ان طفلا بات يضحكها ويبكيها

فهذي الأرض تكره من يكبلها

هذي الارض تعشق من يقبلها ليحييها

هذي الأرض تكره من يكبلها تعشق من يقبلها ليحييها

منذ سنين وهذي الأرض مقهورة

نعلقلها على الجدران كالصورة

نبروزها ...

... نلون جبلها اخضر

ونرسم سهلها احمر

نزيد خطوطها حدة , لكي لا تظهر الاجزاء مبتورة



نعلقها بصدر البيت

نطرز حولها اكليل

ونكتب تحتها وطني

وننسى كل ما فيها

ننسى من يمد ترابها بالزيت

ننسى من يغذيها وننسى من يصبرها ويعطيها

ننسى حبرها المجبول بالزعتر

وننسى ان طفلا بات يضحكها ويبكيها

فهذي الأرض تكره من يكبلها

هذي الارض تعشق من يقبلها ليحييها

كلمات برهان يونس

الجمعة، 6 أغسطس 2010

هذه ليلتي

هل سمعت مرة حركة الدم في شرايينك ؟؟؟وهل وقفت بعد ان اغمضت عينيك فوجدت نفسك تمشي على الماء ؟؟؟وهل ازعجتك حركة رمشك وجفونك عن الاحتضان ؟؟؟هل كلمت الصمت... وسكتَ امام السؤال في موطن الاجابة ؟؟؟هل سألت نفسك لما افعل كل هذا مع اني لست قادرولست نادم ولست مخطئ في التعرف على الصواب ؟؟؟هذا حالي مع هذه الليلة التي اجد تسمية خاصة لهاوكنية تلتصق بها كما تلتصق حروفي محبة بهذا المكانليلة ضحكت بصوت الدموعانني اسمعها تكلمني من بعيد تسألني ما لا اعرف فأجيب وتحكيلي ما لم اسمع فأستنتج واطرح وتعملني ما لا اعرف فأجرب وانجح وتناقشني بما تحترف فأبلغ وأفصحولا ادري ان كانت صدفة عابرة فوق ليلتي ساخرة مني بالغد القريبوانا احترق احتراما لها واعجابا بها ...ولكـــــــن لست خائفا...فإذا لم تحترق انت ولم احترق انا فمن اين يأتي النورالنـــــور ... هو الذي نقلني من عتمة الخوف الى سلامة الضياءوزين حياتي بربوع التمني دون كد او شقاءالبسني الثوب الذي حلمت به ثم جلاه في ليلة الجلاءومع البكاء ... زاد البكاءوالتحم الجرح بنيران ولدت على وقود الدماءهو النور الذي قيدني بمحبته حتى صار جزأّ مني ولامسني ببريقه حتى اقنعني بلحن التغني ومقام البيات والنكريز ستحكي لها عنيهي الشعاعات التي اخاف ان تكون بعيدة عني وما ظهر من نورها هو ما يظهر لكل خائف في كل ليلةمع اني اراها بمنظور الخصوصية التي لا يراها احد بهيا ليلتي امنحيني بعض القوة والمحبة الفائضة لأسكبها في باطن النورفتموت العتمة وتتلاشى الفوضى في عالم المرضىالمختبئ بظلام السواد فكل ما لدي من حب لا استطيع ان امنحه لأحد فبقدر ما هو عظيم بقدر ما اجده قليلا للساكنين

الجمعة، 30 يوليو 2010

مدينة الكراوية

مدينة جميلة ... كأنها الجنة في تأوه طقوسها وحركة نسيمها ونسج خلقها الاخاذ
الذي تزينه الكراوية من شتى البقع والاتجاهات ... كانت المرة الاولى لي في زيارتها , وليتها لم تكن الاولى , لأن كل شئ ابتديه ينتهي بسرعة , فلم اكن ادرك ان خلف هذه المدينة يقطن المجهول الذي لا مفر منه , تركت نفسي بين ثناياها كما تترك الزهرة نفسها بين اذرع الربيع , وحاولت التعمق في جحودها وخباياها , كما يتعمق الصمت في جوف الحكيم ,
وبدأت الرحلة
كنت حينها لم اتجاوز العشرين وثمار الحياة امامي ممدودة كما تمد الارض بساط شغفها لربيع جديد . وعندما تلمست جمالها وبدأت افهم موضعي وموقعي منها :!:
وجدت ما اجبرني على الندم في كل نظرة تركتها تتغلغل فيها وفي كل فكرة رسمتها بين ترانيمها , فعندما كنت اضجر من نفسي واحاول الهرب من فكري كنت اتجه الى تلّة صغيرة جميلة كانت تبعد عن مكان سكني كما تبعد قيمة الأرواح عن قيمة اللاأجساد, لكنني كنت اخذ نفسي في المسير اليها بلهفة تسبق كل لهفة وخطوة تسبق كل خطوة الى ان اصل الى تلك التلة التي كنت اسميها تلة الكراوية ,
كنت ارمي حمل احزاني بين احضانها النقية واترك هموم نفسي بين ابجديتها الحقيقية , واسرح معها ليلي الطويل باحثا عن سر انجذابي بها وميولي ومحبتي لها , ولكني كنت افشل دائما في تحليل هذه الرابطة التي تقيدنا سويا
وفي احدى المرات بينما كنت احاكي مياه النهر المسرعة التي كانت تغمر جوف هذه التلة رأيت فتاة سبقها العمر وترك سيل الامه بين يديها وغرسها في بقعة بركانية ظاهرة نارها في تسابيح عينيها
شدني الصمت وقيدت لساني الكلمات ولم اقوى سوى على اللاشئ امام الخضرة اليانعة التي كانت تغذي روحها العذبة عذوبة تلك المياه ,,, اقتربت منها بسكوت اعظم من السكوت وانفاس تتقطع كما يتقطع حبل المطر في زحمة الريح ,,,
لكنني بنظرة سريعة لما حولي قررت ان اقترب من هذا الكوكب المجهول وارسم بخطوط يدي واحبار لمساتي والوان روحي ولو بسمة صغيرة اظل اذكرها ما حييت
شدتني الاقدام اليها وبدأت اشعر بطقطقة انفاسي المتقطعة كما تتقطع الحروف في حلق الصغير .............................
لم اكن ادرك ان المرء قد يهيج بلحظة حتى يرى الكون قطرة ندى
والايام لحظة لا تتعدى منتصف اللحظة ,

إقتربت اكثر حتى شدني صوت ثوبها الذي تغتاله النسائم وتلعب فوق اطرافه الرياح الندية
كانت تشعر بصوت اقدامي المترجفة حد الخوف , ولما صرت خلفها ولا يفصلني عن روحها وجسدها سوى بعض من النسيم واصوات خفية يظهر صداها
فقلت : هل لي ان اكون لحظة في صمتك الرهيب ؟
فأجابت : ومنذ متى كان في الصمت لحظة !!! .
قالتها بصوت اشبه بسحبة كمنجة على مقام النهاوند او كأنها مازورة في احدى معزوفات ياني , فتقطعت بعدها كل حروفي وغدوت كالطفل الصغير الذي يبحث عن تركيبة تعبر عما يريد ,,, ولكن الشوق الذي شدني بالحديث اليها كان يتكلم بلساني
ودارت حوارات الصمت المتجذر في احشائي بيني وبينها
لماذا لا ترحمين كيانك الوسيع بينما المياه قادرة على استيعاب كل ما نحوي ؟؟؟
ومن قال لك أني لست من التركيبة الجينية لكل قطرة من هذه البحيرة .
هذا يعني أنك منها
يكفيني هذا
اكتفاؤك يعبر عن عجز اكاد اخاف عليك منه
تخاف عليّ لشئ تريده ام لعجز يريدني ؟
لا أدري
وماذا تدري إذن
أتحاولين انهائي ورحيلي ؟؟؟
أنا لا أنهي أحدا فلو كانت لدي القدرة لفعلت لنفسي أولا
اتبحثين عن النهاية
لا نهاية لما لم يبدأ بعد
لا أفهم
هذا ما أبحث عنه
حسنا من أنتي ؟؟
انا من عاقبتني السكينة على صمتي وأقنعني العتمة بالعمى المبكر
فغدوت صماء لا اسمع ولا احكي وصرت عقيمة النظر عمياء البصر
يقولون ان البصر لا يموت الا بموت البصيرة
جيد أنك ادركت مقصدي
أهل ماتت بصيرتك ؟؟
ليس لدي شئ حي سوى الامي
لكني اراكي جميلة
أولم تعلم أن الجمال ألم
أعلم ان الألم هو كل شئ في هذه الحياة
أسعدني علمك يا فتى
أولستي فتاة ؟؟؟
كنت فتاة وأصبحت أتمنى كوني فتاة
فماذا أنتي لآن
كما تراني
أراكِ جميلة
أحيانا تكون الحجارة جميلة والقصة جميلة وحتى اللوحة المجردة جميلة
ما الذي يؤلمكِ ؟؟؟
إسمي
ومنذ متى تتعبنا الأسماء ؟؟؟
على الأقل اتعبتني انا
ما إسمكِ ؟؟؟
مكتوب على هالات الماء هناك , إنظر مليا وتفرس عندما القي الحجر ماذا ترى
أرى هالات تكبر حتى تتلاشى
احسنت وصفا وأنا هكذا كبر الحلم في روحي حتى تلاشى وكبرت المحبة في احشائي حتى تلاشت وكبرت الالفة وعظم الوفاء وتضخمت التضحية وكل شئ تلاشى كما تلاشت هالات حجري الصغير
أشعر أن اشياء كثيرة تكسرت في احشائكِ
تكسرت احشائي معها
قالت هذه الكلمة وبدت لي مخنوقة باكية ساترة دموعها اللوزية خلف شعرها الكستانئي الجميل
ورفعت رأسها لتداري دموعها ونظرت بين طيات الغياب وانغام السماء الذي تآكلت اطرافه بوقت الغروب
ثم حملت نفسها وتوارت خلف ستائر الغياب وانا اقف خلفها واراقب حركتها المخملية المجروحة وكأن خلفها أثر لخطاها .

الجزء الاول

ثم توالت الايام كما يتوالى الشروق والغروب , وانا في صفنة الادب المغمور بحب السرد لأحداثها المتتالية
لم أكن منصوب الجسد بعد , ولم يكن لدي من الخبرة التي قد تمدني بالحكمة
ادركت ان شيئا في احشاء هذه الفتاة زرعه الله , وحملني سماده وماءه
ولكن كيف اراها بعد ان توارت عنّي كما يتوارى الدفئ في باطن الغروب
مرت ثلاث فصول وعاد الشتاء يحمل معه ضباب الامنيات
ويغسل بقطراته خطايا الاشياء
وانا انظر اليه وكأنه يحكي لي قصة قديمة امام مدفئة لعجوز وفيرة السن في قصرها الكبير
ولا اخفيكم ان كثير من التنهدات المتتالية ظلت تخنق روحي
فما اصعب ان تبحث عن الضوء الخفي في العتمة المنيرة
ولكن رغم كل هذا ما زلت أزور تلة الكراوية لأنها بالنسبة لي مهد مشاعري التي اخاف ان تموت في مخاضها
كنت اجمع ذكرياتي اللحظية هناك واكتب على اطراف الصخور رائحة الأشياء التي تتحرك في احشائي
كما تتحرك حركة يدي على هذه الحروف المعقدة
وفي الثاني من تشرين اول من عامي هذا
زارني هاجس العطر الذي ما زال وفيا من لحظة لقائي بها
وقال لي اذهب الى التلة فإن لك هناك حبا قد يزول مع الرياح
وينتهي مع اخر ربيع قادم ,,, أذهب واحتضن ما ظل حيا في روحك البليدة
ذهبت مسرعا وكان الجو ماطرا والريح قوية وكأن القدر يحاول ان يمنعني عن الوصول الى هناك
ولكني وصلت رغم صعوبة الظروف
ووقفت حيث كنّا يوما نجمع الحروف من فم الصمت ونرتبها على مقامات الموسيقى الشرقية
ونرتلها معزوفة على احبالنا الصوتية العالية الدوزان
وقفت هناك بلا حراك وكأن المطر يقول لي سأغسل كل احشائك والرياح تضربني بكفيها كما يضرب
الصوت اكفافه على جنبات السهول الوسيعة
البحيرة امامي والمطر فوقها وثقوبه تبني من الهالات مالا نستطيع احصائه ووصفه
ورماديات المكان كانت غالبة على مرئى بصري
واوراق كثيرة من شجر الكينا تتلاعب بين انسجة المكان
وطقطقة اللاشيئ تحيط باللاشيئ
خفت ان اكون قد جئت في اللحظة الخطأ
وصرخت بصوت اخافَ خرير الماء واسكتَ حفيف الشجر
هل انتييييييييي هنااااااااااااااااااا
وكررتها حتى بدت لي المناظر ساخرة من جسدي المبتل وروحي المحبطة حد الموت
واشتد المطر اكثر وزادت سرعة الريح حتى بدت خدودي تتحرك معها
وضعت يدي بجيبي وقدت نفسي كما تقود الخطيئة جسد المخطئ الى منصة العقاب
وانا اقف عن التفكير كما تقف اللحظة في حلق الزمن
واذا بثوب ابيض ساحلا بين الصخور يغطي تقرحاتها الحزينة
حاولت التلفت ثانية فإذا بفتاة ندية مبللة الاطراف تحاول استرجاع ما اضاعه الوقت من ثمرة عمرها
انتي ؟؟؟؟
لا لست انا
لكنني اراكِ
أولا ترى سرابا ؟؟؟
لكنكِ حقيقة
تموت الحقائق احيانا في جوف السراب
ثم سكتنا هنيهة لفاصل الرعد القادم من الجبهة الغربية
وانخفضت الرؤية وبدى المكان كأنه الجنة بالنسبة لي
فقلت لها بصوت الحب
أرجوكِ قولي لي من أنتي ولماذا تأتين الى هنا في هذه اللحظات الصعبة
وما علاقتك بهذه البحيرة البعيدة الحزينة
قولي لي كل شئ كل شيئ كل شيئ
كنت انهي كلامي بينما تبدأ هي بالبكاء
وانا اسمع تنهيدها رغم قساوة المكان
ثم قالت : كنت آتي الى هنا لأني افقد كل شئ
واخاف يا من لا اعرفك ان تآتي اللحظة التي تجبرني على القدوم لأكسب كل شيئ
وبين هذا وذاك خط متقطع لا تراه العيون ولا تحسه الروح احيانا
فأرجوك بحق ما تحمل معرفة وبحق ما تحوي من هواجس واحاسيس ان تتركني
فلقد كانت الحياة هكذا قبل أن تأتي وستبقى هكذا بعد أن تغادر
ثم تنهدت البحيرة وكأنها تخرج زفير روحها لوقع الكلمات
أدركت ان لهذه البحيرة وجود ثمين في حياة الفتاة التي لم اعرف اسمها بعد
ثم قلت لها حسنا كما تشائين سأرحل رحيل الاموات في خفاء القبور
وسأتلاشى كما تتلاشى السنبلة في اول الخريف
ولن أعود فلقد ادركت ان نصيبي من البقاء معدوم
ولكن أريدك ان تعلمي أن لي هنا ذكرى عظيمة لن اتخلى عنها ما حييت
وسرت بخطى ثابتة المعالم مهزومة الجوهروهي خلفي تلوحي باحساساتها
مودعة ذاهبي راجية عودتي
ولما اخذتني المسافة التفتُ برأسي فوجدتها تهوي بين الاشجار
كما تهوي النفس في نومها العميق اخر ليلة في العمر
عدت ادراجي مكفوف البصر مكتَّف البصيرة
عدت الى حيث اسكن لممت كل تراكيبي الحمقاء
فرشاة اسناني ورواية الفونسو بين الموت والحياة
وزجاجة عطري وبعض حبّاة الشوكولاتة المبعثرة بين اوراقي
وحقيبة سفري وبعض الامنيات
كل هذه الاشياء جاءت معي الى مدينة الكراوية
ولكنها عادت معي كما هي
اما الشيئ الوحيد الذي جئت من غيره هو هذه الفتاة الجميلة
وها انا ذا اعود من غيرها
ابتسم ابتسامة الضعفاء معلنا فشلي امام قلبي
وانا أقول ما اغربك ايتها الدنيا وانتي تحمليننا اعباء اناس احببنا ان نحمل معهم امنيات القادم من مستقبلنا
لكن الفشل هو من كان يلبس لباس القاضي والحكم
واتخذت قراري بالعودة
و .........................

وعدت كما تعود الاماني الى ذاكرة المجهول
كانت عودتي امرا لا مفر تماما كما لو كانت مرسومة بنهاية أعلمها

الأربعاء، 28 يوليو 2010

فنيسيا وطني بميلاد اخر

على ضفاف هذه الشواطئ ولدت كارمينا , لم تكن مجرد فتاة تثبت أنوثتها الأسماء, بقدر ما كانت حصيلة حية لمعاني تقتبس الأنوثة منها أوجها وثقافتها , دافئة كسطح البحر , عفيفة كالخيل مجنونة كالشاطئ المتناغم مع كل حبة رمل
عرفتها صبية ترعى ظلال الحياة بخفة , وتموج مع كل نسمة كموج الروح لحظة التقاء الحبيب ... كثيرا ما كنت أراقبها من بعيد , أدنو مع كل خطوة وأعد صمتها بالثواني الثقيلة , وارمي سنابلي بين قدميها لتزيد خضرة ويراعا
لم تعرفني!! وان عرفتني فلقد كنت في حياتها كأي مشهد يضرب بعيونها الربيعية محتواه وتمضي بلا أي تأثير , كنت اكتفي في تلك الأيام بما تعطيني الليالي من أحلام خفيفة أتنفس معها أية ذكرى أو أقل أمنية .
كثيرا من الأشياء كانت تجمعني بها خفية , فالبحر كان ملاذها ومأواي والصمت لغتها وأغنيتي , والغروب حبيبها ورفيقي , والليل والنجوم كانا بمثابة عقد من الأمل تملؤه كل ليلة بالنور والغفران وترميهما بحضن البحر مع أمنية دفينة في أحشائها , كانت أسطورتي وموسم حصادي و بيدر جنوني وثمرة اجتهادي وغلة موسمي
أذكرها بدقة تعجز الشمس عنها لحظة اللهيب , فأنا أكثر قدرة من الشمس على قراءة كل تفاصيل مساماتها الناعمة , والجغرافي الوحيد الذي يمكن أن يرسم خارطة روحها وتفاصيل جسدها الوردي بخطوط كثيرة قد لا يفهمها سواي
وعلى الرغم من هذا كنت بعيدا عنها لأنها الحلم الذي خفت أي يوقظني منه اللقاء المبهم القابل للرفض , بل ولأني قرأت زجاجة دسها ساحر لعين فوق شواطئي قال لي فيها أن كارمي ليست لك , وان شغفها هذا وبريق عينيها هو طريق تعبر به لحبيب غائب
احترمت الحب أكثر وأخذت نفسي في رحلة الغياب تلك وأنا احمل كل خرائطي وملذات ذكرياتي ورائحة ثوبها في حقيبتي ورحلت , رحيلا ظل يوقظ بين أحشائي لذة اللقاء ويطور في أوردتي طرق جديدة لضخ مادة أخرى أكثر حمرة من الدم واكبر قيمة من الألم وأجمل إحساسا حتى من الحب ...
اخترت مكانا أجدها به رغم غيابها , مكانا أصرخ فوق شواطئه كل صباح لأفتح بصمة صوتي على حروف اسمها اللؤلئي السلس , وفعلا رحلت مع صباح يوم حفظت تفاصيله بمنتهى الدقة , وكتبت فوق خيوط نهاره خاطرة اللقاء البعيد , ووصلت باللحظة التي كنت اسمع صوتها ينساب حنية تبكي غفوات البحر فوق أنينه , وتشتكي السكينة مع عمقه ولذته .
سحبت قاربي جيدا حتى لا تأخذه لذة الشغف للقاء من جديد فهو الآخر كان مشدود القلب لها وغارق في حلم ترحل به معانقة أوج البحر فوق أخشابه القديمة , أتعبني دون أي مرة حتى أرهقته المحاولة على العودة , ولكن فات الأوان على العودة قلتها له من مساحة بعيدة خلف قلبي , ورفض السمع , فجددتها له محاولا إرفاقها بشيء من القوة لعل في هذا جميل يتذكره هذا القارب يوما ما .
اخدت حقيبتي وما لا استطيع نسيانه وتركت خلفي عالم يعج بالجمال والطمأنينة , عالم كان حلمي وأصبح حلمي الأكبر , وما كان ونيسي هو حبي لها , فما أصعب أن تترك وطنك ليعيش حبيبك مع من يحب دون الشعور بشفقة مؤلمة عليك

اجتزت بعض الغابة محاولا الهروب من البحر والغروب , ونمت أول ليلة هناك وحلمت بها كالعادة
فتاة لذيذة الطلة , بهية المشهد , ترتدي فستانها الأبيض الذي يلوح فوق جسدها كما تلوح في الأفق أمنيات الأطفال
رأيتها تركض بقدمين من نور وخلخالها الفضي وبعض النجمات التي تتراقص حول قدميها , رأيتها بدقة , رأيت شعرها الملبد كالغيم يحكي قصة العبق وتاريخ الدنيا بلطافة عذبة , وهي تركض سابحة في زير من الأمنيات الغريبة , كفيها مفتوحتان للسماء وكأنها اسفنجة تمتص كل ما يمكن أن تبكيه غيابات الماضي ولقاءات الآتي
وتجمع فوق صدرها ثمار بستاني , وتخبئه محاولة ترك سماد نهديها ليكون شاهدا على الاخضرار الناضج المتكور برتابة متقنة.

بدأت أتقن الاحتفاظ بالحب وأتقن التعامل مع كل لحظة أموت بها لأحيا من جديد وأنا أراها كل ليلة بتفاصيل أكثر عمقا وأشمل محتوى وأثقل وزنا.
مرت عدة أشهر على هذا الحال وقد ضاق بي العيش هنا لا خل ولا صديق ولا حتى عابر طريق , كنت أشتاق أن اسمع صوتا يحيي بداخلي ما أماتته الوحدة وغيرت ملامحه الحياة المؤلمة . لا شيء معي سوى رتابة المكان وهدير البحر ومده وجزره وفيضانات الذكريات المتراكمة فوق رمالي
كنت أكتفي بهذا القدر من العطاء القليل وأصوغ من خلاله أهازيج تمدني دائما بطفولة رحلت ورحل معها الكثير من العبق
بل وأكتفي بما استطاعت عيوني أن تجمعه من صور خفية لروحها المتسللة إلي بجهر قاتل وقوة خفية .
وفي كل ليلة أبدأ البداية بلا نهاية ! واحلم الحلم ذاته !! واسرد الحكاية لا غيرها و أغوص في دمعة وابتسامة هما كل ما لدي في وحدتي ووحشتي
وبعد أكثر من خمسة فصول قررت العودة إلى الشاطئ , وأنا أعلم أن كارمي أصبحت في الزمن الماضي وهي في أحشائي كقطعة مني لا يراها سواي .
كم كانت العودة مؤلمة فالمكان لم يتغير والتفاصيل بدت وكأنها رحيلة الأمس حتى الغروب بدا أكثر إشراقا وأقل عمرا
وصلت إلى المكان الذي رحلت منه حاملا معي كل شيء وبدأت أتسلق بنظراتي الأمواج التي قد تصرخ في وجهي أو تلقن روحي خبرا قد يسعفها عن كارمي البعيدة القريبة
عدت إلى الكوخ الذي يجلس أعلى التلة فهو ملاذي حتى الصباح