الجمعة، 6 أغسطس 2010

هذه ليلتي

هل سمعت مرة حركة الدم في شرايينك ؟؟؟وهل وقفت بعد ان اغمضت عينيك فوجدت نفسك تمشي على الماء ؟؟؟وهل ازعجتك حركة رمشك وجفونك عن الاحتضان ؟؟؟هل كلمت الصمت... وسكتَ امام السؤال في موطن الاجابة ؟؟؟هل سألت نفسك لما افعل كل هذا مع اني لست قادرولست نادم ولست مخطئ في التعرف على الصواب ؟؟؟هذا حالي مع هذه الليلة التي اجد تسمية خاصة لهاوكنية تلتصق بها كما تلتصق حروفي محبة بهذا المكانليلة ضحكت بصوت الدموعانني اسمعها تكلمني من بعيد تسألني ما لا اعرف فأجيب وتحكيلي ما لم اسمع فأستنتج واطرح وتعملني ما لا اعرف فأجرب وانجح وتناقشني بما تحترف فأبلغ وأفصحولا ادري ان كانت صدفة عابرة فوق ليلتي ساخرة مني بالغد القريبوانا احترق احتراما لها واعجابا بها ...ولكـــــــن لست خائفا...فإذا لم تحترق انت ولم احترق انا فمن اين يأتي النورالنـــــور ... هو الذي نقلني من عتمة الخوف الى سلامة الضياءوزين حياتي بربوع التمني دون كد او شقاءالبسني الثوب الذي حلمت به ثم جلاه في ليلة الجلاءومع البكاء ... زاد البكاءوالتحم الجرح بنيران ولدت على وقود الدماءهو النور الذي قيدني بمحبته حتى صار جزأّ مني ولامسني ببريقه حتى اقنعني بلحن التغني ومقام البيات والنكريز ستحكي لها عنيهي الشعاعات التي اخاف ان تكون بعيدة عني وما ظهر من نورها هو ما يظهر لكل خائف في كل ليلةمع اني اراها بمنظور الخصوصية التي لا يراها احد بهيا ليلتي امنحيني بعض القوة والمحبة الفائضة لأسكبها في باطن النورفتموت العتمة وتتلاشى الفوضى في عالم المرضىالمختبئ بظلام السواد فكل ما لدي من حب لا استطيع ان امنحه لأحد فبقدر ما هو عظيم بقدر ما اجده قليلا للساكنين

الجمعة، 30 يوليو 2010

مدينة الكراوية

مدينة جميلة ... كأنها الجنة في تأوه طقوسها وحركة نسيمها ونسج خلقها الاخاذ
الذي تزينه الكراوية من شتى البقع والاتجاهات ... كانت المرة الاولى لي في زيارتها , وليتها لم تكن الاولى , لأن كل شئ ابتديه ينتهي بسرعة , فلم اكن ادرك ان خلف هذه المدينة يقطن المجهول الذي لا مفر منه , تركت نفسي بين ثناياها كما تترك الزهرة نفسها بين اذرع الربيع , وحاولت التعمق في جحودها وخباياها , كما يتعمق الصمت في جوف الحكيم ,
وبدأت الرحلة
كنت حينها لم اتجاوز العشرين وثمار الحياة امامي ممدودة كما تمد الارض بساط شغفها لربيع جديد . وعندما تلمست جمالها وبدأت افهم موضعي وموقعي منها :!:
وجدت ما اجبرني على الندم في كل نظرة تركتها تتغلغل فيها وفي كل فكرة رسمتها بين ترانيمها , فعندما كنت اضجر من نفسي واحاول الهرب من فكري كنت اتجه الى تلّة صغيرة جميلة كانت تبعد عن مكان سكني كما تبعد قيمة الأرواح عن قيمة اللاأجساد, لكنني كنت اخذ نفسي في المسير اليها بلهفة تسبق كل لهفة وخطوة تسبق كل خطوة الى ان اصل الى تلك التلة التي كنت اسميها تلة الكراوية ,
كنت ارمي حمل احزاني بين احضانها النقية واترك هموم نفسي بين ابجديتها الحقيقية , واسرح معها ليلي الطويل باحثا عن سر انجذابي بها وميولي ومحبتي لها , ولكني كنت افشل دائما في تحليل هذه الرابطة التي تقيدنا سويا
وفي احدى المرات بينما كنت احاكي مياه النهر المسرعة التي كانت تغمر جوف هذه التلة رأيت فتاة سبقها العمر وترك سيل الامه بين يديها وغرسها في بقعة بركانية ظاهرة نارها في تسابيح عينيها
شدني الصمت وقيدت لساني الكلمات ولم اقوى سوى على اللاشئ امام الخضرة اليانعة التي كانت تغذي روحها العذبة عذوبة تلك المياه ,,, اقتربت منها بسكوت اعظم من السكوت وانفاس تتقطع كما يتقطع حبل المطر في زحمة الريح ,,,
لكنني بنظرة سريعة لما حولي قررت ان اقترب من هذا الكوكب المجهول وارسم بخطوط يدي واحبار لمساتي والوان روحي ولو بسمة صغيرة اظل اذكرها ما حييت
شدتني الاقدام اليها وبدأت اشعر بطقطقة انفاسي المتقطعة كما تتقطع الحروف في حلق الصغير .............................
لم اكن ادرك ان المرء قد يهيج بلحظة حتى يرى الكون قطرة ندى
والايام لحظة لا تتعدى منتصف اللحظة ,

إقتربت اكثر حتى شدني صوت ثوبها الذي تغتاله النسائم وتلعب فوق اطرافه الرياح الندية
كانت تشعر بصوت اقدامي المترجفة حد الخوف , ولما صرت خلفها ولا يفصلني عن روحها وجسدها سوى بعض من النسيم واصوات خفية يظهر صداها
فقلت : هل لي ان اكون لحظة في صمتك الرهيب ؟
فأجابت : ومنذ متى كان في الصمت لحظة !!! .
قالتها بصوت اشبه بسحبة كمنجة على مقام النهاوند او كأنها مازورة في احدى معزوفات ياني , فتقطعت بعدها كل حروفي وغدوت كالطفل الصغير الذي يبحث عن تركيبة تعبر عما يريد ,,, ولكن الشوق الذي شدني بالحديث اليها كان يتكلم بلساني
ودارت حوارات الصمت المتجذر في احشائي بيني وبينها
لماذا لا ترحمين كيانك الوسيع بينما المياه قادرة على استيعاب كل ما نحوي ؟؟؟
ومن قال لك أني لست من التركيبة الجينية لكل قطرة من هذه البحيرة .
هذا يعني أنك منها
يكفيني هذا
اكتفاؤك يعبر عن عجز اكاد اخاف عليك منه
تخاف عليّ لشئ تريده ام لعجز يريدني ؟
لا أدري
وماذا تدري إذن
أتحاولين انهائي ورحيلي ؟؟؟
أنا لا أنهي أحدا فلو كانت لدي القدرة لفعلت لنفسي أولا
اتبحثين عن النهاية
لا نهاية لما لم يبدأ بعد
لا أفهم
هذا ما أبحث عنه
حسنا من أنتي ؟؟
انا من عاقبتني السكينة على صمتي وأقنعني العتمة بالعمى المبكر
فغدوت صماء لا اسمع ولا احكي وصرت عقيمة النظر عمياء البصر
يقولون ان البصر لا يموت الا بموت البصيرة
جيد أنك ادركت مقصدي
أهل ماتت بصيرتك ؟؟
ليس لدي شئ حي سوى الامي
لكني اراكي جميلة
أولم تعلم أن الجمال ألم
أعلم ان الألم هو كل شئ في هذه الحياة
أسعدني علمك يا فتى
أولستي فتاة ؟؟؟
كنت فتاة وأصبحت أتمنى كوني فتاة
فماذا أنتي لآن
كما تراني
أراكِ جميلة
أحيانا تكون الحجارة جميلة والقصة جميلة وحتى اللوحة المجردة جميلة
ما الذي يؤلمكِ ؟؟؟
إسمي
ومنذ متى تتعبنا الأسماء ؟؟؟
على الأقل اتعبتني انا
ما إسمكِ ؟؟؟
مكتوب على هالات الماء هناك , إنظر مليا وتفرس عندما القي الحجر ماذا ترى
أرى هالات تكبر حتى تتلاشى
احسنت وصفا وأنا هكذا كبر الحلم في روحي حتى تلاشى وكبرت المحبة في احشائي حتى تلاشت وكبرت الالفة وعظم الوفاء وتضخمت التضحية وكل شئ تلاشى كما تلاشت هالات حجري الصغير
أشعر أن اشياء كثيرة تكسرت في احشائكِ
تكسرت احشائي معها
قالت هذه الكلمة وبدت لي مخنوقة باكية ساترة دموعها اللوزية خلف شعرها الكستانئي الجميل
ورفعت رأسها لتداري دموعها ونظرت بين طيات الغياب وانغام السماء الذي تآكلت اطرافه بوقت الغروب
ثم حملت نفسها وتوارت خلف ستائر الغياب وانا اقف خلفها واراقب حركتها المخملية المجروحة وكأن خلفها أثر لخطاها .

الجزء الاول

ثم توالت الايام كما يتوالى الشروق والغروب , وانا في صفنة الادب المغمور بحب السرد لأحداثها المتتالية
لم أكن منصوب الجسد بعد , ولم يكن لدي من الخبرة التي قد تمدني بالحكمة
ادركت ان شيئا في احشاء هذه الفتاة زرعه الله , وحملني سماده وماءه
ولكن كيف اراها بعد ان توارت عنّي كما يتوارى الدفئ في باطن الغروب
مرت ثلاث فصول وعاد الشتاء يحمل معه ضباب الامنيات
ويغسل بقطراته خطايا الاشياء
وانا انظر اليه وكأنه يحكي لي قصة قديمة امام مدفئة لعجوز وفيرة السن في قصرها الكبير
ولا اخفيكم ان كثير من التنهدات المتتالية ظلت تخنق روحي
فما اصعب ان تبحث عن الضوء الخفي في العتمة المنيرة
ولكن رغم كل هذا ما زلت أزور تلة الكراوية لأنها بالنسبة لي مهد مشاعري التي اخاف ان تموت في مخاضها
كنت اجمع ذكرياتي اللحظية هناك واكتب على اطراف الصخور رائحة الأشياء التي تتحرك في احشائي
كما تتحرك حركة يدي على هذه الحروف المعقدة
وفي الثاني من تشرين اول من عامي هذا
زارني هاجس العطر الذي ما زال وفيا من لحظة لقائي بها
وقال لي اذهب الى التلة فإن لك هناك حبا قد يزول مع الرياح
وينتهي مع اخر ربيع قادم ,,, أذهب واحتضن ما ظل حيا في روحك البليدة
ذهبت مسرعا وكان الجو ماطرا والريح قوية وكأن القدر يحاول ان يمنعني عن الوصول الى هناك
ولكني وصلت رغم صعوبة الظروف
ووقفت حيث كنّا يوما نجمع الحروف من فم الصمت ونرتبها على مقامات الموسيقى الشرقية
ونرتلها معزوفة على احبالنا الصوتية العالية الدوزان
وقفت هناك بلا حراك وكأن المطر يقول لي سأغسل كل احشائك والرياح تضربني بكفيها كما يضرب
الصوت اكفافه على جنبات السهول الوسيعة
البحيرة امامي والمطر فوقها وثقوبه تبني من الهالات مالا نستطيع احصائه ووصفه
ورماديات المكان كانت غالبة على مرئى بصري
واوراق كثيرة من شجر الكينا تتلاعب بين انسجة المكان
وطقطقة اللاشيئ تحيط باللاشيئ
خفت ان اكون قد جئت في اللحظة الخطأ
وصرخت بصوت اخافَ خرير الماء واسكتَ حفيف الشجر
هل انتييييييييي هنااااااااااااااااااا
وكررتها حتى بدت لي المناظر ساخرة من جسدي المبتل وروحي المحبطة حد الموت
واشتد المطر اكثر وزادت سرعة الريح حتى بدت خدودي تتحرك معها
وضعت يدي بجيبي وقدت نفسي كما تقود الخطيئة جسد المخطئ الى منصة العقاب
وانا اقف عن التفكير كما تقف اللحظة في حلق الزمن
واذا بثوب ابيض ساحلا بين الصخور يغطي تقرحاتها الحزينة
حاولت التلفت ثانية فإذا بفتاة ندية مبللة الاطراف تحاول استرجاع ما اضاعه الوقت من ثمرة عمرها
انتي ؟؟؟؟
لا لست انا
لكنني اراكِ
أولا ترى سرابا ؟؟؟
لكنكِ حقيقة
تموت الحقائق احيانا في جوف السراب
ثم سكتنا هنيهة لفاصل الرعد القادم من الجبهة الغربية
وانخفضت الرؤية وبدى المكان كأنه الجنة بالنسبة لي
فقلت لها بصوت الحب
أرجوكِ قولي لي من أنتي ولماذا تأتين الى هنا في هذه اللحظات الصعبة
وما علاقتك بهذه البحيرة البعيدة الحزينة
قولي لي كل شئ كل شيئ كل شيئ
كنت انهي كلامي بينما تبدأ هي بالبكاء
وانا اسمع تنهيدها رغم قساوة المكان
ثم قالت : كنت آتي الى هنا لأني افقد كل شئ
واخاف يا من لا اعرفك ان تآتي اللحظة التي تجبرني على القدوم لأكسب كل شيئ
وبين هذا وذاك خط متقطع لا تراه العيون ولا تحسه الروح احيانا
فأرجوك بحق ما تحمل معرفة وبحق ما تحوي من هواجس واحاسيس ان تتركني
فلقد كانت الحياة هكذا قبل أن تأتي وستبقى هكذا بعد أن تغادر
ثم تنهدت البحيرة وكأنها تخرج زفير روحها لوقع الكلمات
أدركت ان لهذه البحيرة وجود ثمين في حياة الفتاة التي لم اعرف اسمها بعد
ثم قلت لها حسنا كما تشائين سأرحل رحيل الاموات في خفاء القبور
وسأتلاشى كما تتلاشى السنبلة في اول الخريف
ولن أعود فلقد ادركت ان نصيبي من البقاء معدوم
ولكن أريدك ان تعلمي أن لي هنا ذكرى عظيمة لن اتخلى عنها ما حييت
وسرت بخطى ثابتة المعالم مهزومة الجوهروهي خلفي تلوحي باحساساتها
مودعة ذاهبي راجية عودتي
ولما اخذتني المسافة التفتُ برأسي فوجدتها تهوي بين الاشجار
كما تهوي النفس في نومها العميق اخر ليلة في العمر
عدت ادراجي مكفوف البصر مكتَّف البصيرة
عدت الى حيث اسكن لممت كل تراكيبي الحمقاء
فرشاة اسناني ورواية الفونسو بين الموت والحياة
وزجاجة عطري وبعض حبّاة الشوكولاتة المبعثرة بين اوراقي
وحقيبة سفري وبعض الامنيات
كل هذه الاشياء جاءت معي الى مدينة الكراوية
ولكنها عادت معي كما هي
اما الشيئ الوحيد الذي جئت من غيره هو هذه الفتاة الجميلة
وها انا ذا اعود من غيرها
ابتسم ابتسامة الضعفاء معلنا فشلي امام قلبي
وانا أقول ما اغربك ايتها الدنيا وانتي تحمليننا اعباء اناس احببنا ان نحمل معهم امنيات القادم من مستقبلنا
لكن الفشل هو من كان يلبس لباس القاضي والحكم
واتخذت قراري بالعودة
و .........................

وعدت كما تعود الاماني الى ذاكرة المجهول
كانت عودتي امرا لا مفر تماما كما لو كانت مرسومة بنهاية أعلمها

الأربعاء، 28 يوليو 2010

فنيسيا وطني بميلاد اخر

على ضفاف هذه الشواطئ ولدت كارمينا , لم تكن مجرد فتاة تثبت أنوثتها الأسماء, بقدر ما كانت حصيلة حية لمعاني تقتبس الأنوثة منها أوجها وثقافتها , دافئة كسطح البحر , عفيفة كالخيل مجنونة كالشاطئ المتناغم مع كل حبة رمل
عرفتها صبية ترعى ظلال الحياة بخفة , وتموج مع كل نسمة كموج الروح لحظة التقاء الحبيب ... كثيرا ما كنت أراقبها من بعيد , أدنو مع كل خطوة وأعد صمتها بالثواني الثقيلة , وارمي سنابلي بين قدميها لتزيد خضرة ويراعا
لم تعرفني!! وان عرفتني فلقد كنت في حياتها كأي مشهد يضرب بعيونها الربيعية محتواه وتمضي بلا أي تأثير , كنت اكتفي في تلك الأيام بما تعطيني الليالي من أحلام خفيفة أتنفس معها أية ذكرى أو أقل أمنية .
كثيرا من الأشياء كانت تجمعني بها خفية , فالبحر كان ملاذها ومأواي والصمت لغتها وأغنيتي , والغروب حبيبها ورفيقي , والليل والنجوم كانا بمثابة عقد من الأمل تملؤه كل ليلة بالنور والغفران وترميهما بحضن البحر مع أمنية دفينة في أحشائها , كانت أسطورتي وموسم حصادي و بيدر جنوني وثمرة اجتهادي وغلة موسمي
أذكرها بدقة تعجز الشمس عنها لحظة اللهيب , فأنا أكثر قدرة من الشمس على قراءة كل تفاصيل مساماتها الناعمة , والجغرافي الوحيد الذي يمكن أن يرسم خارطة روحها وتفاصيل جسدها الوردي بخطوط كثيرة قد لا يفهمها سواي
وعلى الرغم من هذا كنت بعيدا عنها لأنها الحلم الذي خفت أي يوقظني منه اللقاء المبهم القابل للرفض , بل ولأني قرأت زجاجة دسها ساحر لعين فوق شواطئي قال لي فيها أن كارمي ليست لك , وان شغفها هذا وبريق عينيها هو طريق تعبر به لحبيب غائب
احترمت الحب أكثر وأخذت نفسي في رحلة الغياب تلك وأنا احمل كل خرائطي وملذات ذكرياتي ورائحة ثوبها في حقيبتي ورحلت , رحيلا ظل يوقظ بين أحشائي لذة اللقاء ويطور في أوردتي طرق جديدة لضخ مادة أخرى أكثر حمرة من الدم واكبر قيمة من الألم وأجمل إحساسا حتى من الحب ...
اخترت مكانا أجدها به رغم غيابها , مكانا أصرخ فوق شواطئه كل صباح لأفتح بصمة صوتي على حروف اسمها اللؤلئي السلس , وفعلا رحلت مع صباح يوم حفظت تفاصيله بمنتهى الدقة , وكتبت فوق خيوط نهاره خاطرة اللقاء البعيد , ووصلت باللحظة التي كنت اسمع صوتها ينساب حنية تبكي غفوات البحر فوق أنينه , وتشتكي السكينة مع عمقه ولذته .
سحبت قاربي جيدا حتى لا تأخذه لذة الشغف للقاء من جديد فهو الآخر كان مشدود القلب لها وغارق في حلم ترحل به معانقة أوج البحر فوق أخشابه القديمة , أتعبني دون أي مرة حتى أرهقته المحاولة على العودة , ولكن فات الأوان على العودة قلتها له من مساحة بعيدة خلف قلبي , ورفض السمع , فجددتها له محاولا إرفاقها بشيء من القوة لعل في هذا جميل يتذكره هذا القارب يوما ما .
اخدت حقيبتي وما لا استطيع نسيانه وتركت خلفي عالم يعج بالجمال والطمأنينة , عالم كان حلمي وأصبح حلمي الأكبر , وما كان ونيسي هو حبي لها , فما أصعب أن تترك وطنك ليعيش حبيبك مع من يحب دون الشعور بشفقة مؤلمة عليك

اجتزت بعض الغابة محاولا الهروب من البحر والغروب , ونمت أول ليلة هناك وحلمت بها كالعادة
فتاة لذيذة الطلة , بهية المشهد , ترتدي فستانها الأبيض الذي يلوح فوق جسدها كما تلوح في الأفق أمنيات الأطفال
رأيتها تركض بقدمين من نور وخلخالها الفضي وبعض النجمات التي تتراقص حول قدميها , رأيتها بدقة , رأيت شعرها الملبد كالغيم يحكي قصة العبق وتاريخ الدنيا بلطافة عذبة , وهي تركض سابحة في زير من الأمنيات الغريبة , كفيها مفتوحتان للسماء وكأنها اسفنجة تمتص كل ما يمكن أن تبكيه غيابات الماضي ولقاءات الآتي
وتجمع فوق صدرها ثمار بستاني , وتخبئه محاولة ترك سماد نهديها ليكون شاهدا على الاخضرار الناضج المتكور برتابة متقنة.

بدأت أتقن الاحتفاظ بالحب وأتقن التعامل مع كل لحظة أموت بها لأحيا من جديد وأنا أراها كل ليلة بتفاصيل أكثر عمقا وأشمل محتوى وأثقل وزنا.
مرت عدة أشهر على هذا الحال وقد ضاق بي العيش هنا لا خل ولا صديق ولا حتى عابر طريق , كنت أشتاق أن اسمع صوتا يحيي بداخلي ما أماتته الوحدة وغيرت ملامحه الحياة المؤلمة . لا شيء معي سوى رتابة المكان وهدير البحر ومده وجزره وفيضانات الذكريات المتراكمة فوق رمالي
كنت أكتفي بهذا القدر من العطاء القليل وأصوغ من خلاله أهازيج تمدني دائما بطفولة رحلت ورحل معها الكثير من العبق
بل وأكتفي بما استطاعت عيوني أن تجمعه من صور خفية لروحها المتسللة إلي بجهر قاتل وقوة خفية .
وفي كل ليلة أبدأ البداية بلا نهاية ! واحلم الحلم ذاته !! واسرد الحكاية لا غيرها و أغوص في دمعة وابتسامة هما كل ما لدي في وحدتي ووحشتي
وبعد أكثر من خمسة فصول قررت العودة إلى الشاطئ , وأنا أعلم أن كارمي أصبحت في الزمن الماضي وهي في أحشائي كقطعة مني لا يراها سواي .
كم كانت العودة مؤلمة فالمكان لم يتغير والتفاصيل بدت وكأنها رحيلة الأمس حتى الغروب بدا أكثر إشراقا وأقل عمرا
وصلت إلى المكان الذي رحلت منه حاملا معي كل شيء وبدأت أتسلق بنظراتي الأمواج التي قد تصرخ في وجهي أو تلقن روحي خبرا قد يسعفها عن كارمي البعيدة القريبة
عدت إلى الكوخ الذي يجلس أعلى التلة فهو ملاذي حتى الصباح

الثلاثاء، 27 يوليو 2010

حبيبتي خيال

كلما تجلى الليل معاكسا سمرة السماء.....واكترثت النجوم بصمت امام فضائل الاشياء
تسرب الي الكلام.....وتدفق الوقع الجميل الندي لاول مرة.....وتعاركت الاحاسيس والمشاعر في كياني.......حتى بدت وكأنها نهر من الحروف العذراء التي لم تخدشها الطبيعة بعد ....
أيتها المحجوبة عني بستائر العظمة وجدران الجلال....دعيني اراوغ نفسي فأتوه بعذوبة شعرك الاسود المتمرد حد العتمة ..........
وأتيه بين العين والجفن....تلك العين السابحة في فضائل الاشياء بعفوية الطفولة الذكية......كصحراء سوداء نقية لحظة انتصاف الوقت مع الزمن في مسرح الماضي ....الحاضر....وما هو آت..............
سأقف الآن وقفة تقف معها نبضات شعوري بهذه الارض....وقفة انطلق من خلالها كقطعة قطن بريئة براءة هذا الوجه السكري العميق ......حتى أغدو كوكبا فلكيا هائما في فضاء بعيد أشبه بتلك البحيرة الراكدة على وجنتيك ....
وليتني استطيع الانتظار...أمام سلاسة العنق المخملي المنحدر من قمة ثلجية الى بركان متدفق يغزوه الحنان وتغطيه السكينة ..........
لن افهم الحياة بعد اليوم فهذه الاسرار الزئبقية التي ألحظها بين تفاصيلك الرحبة ستظل شهيدة الموقف أمام الشيئ الغريب المتكاثر بأوردتي تجاه وردة لافندرية عتيقة أرى ظلها كل يوم يغطي مساحة جديدة من عمري........
وأعود كما تعود النجوم في اول الظلال الصيفية ...اعود بلهفة الاطفال اول الشتاء وبراءة الدفء المختبئ خلف عينيك ....أدب مع كل دبة موسيقية تتأرجح عند اقدامك...فما زالت حركتك الايقاعية العذبة تموج معي كما تموج الرياح مغازلة اول الموج
ولو سالتني ما الذي تبحث عنه لاجبتك بغموض لاني ابحث عن شيء هو عندي اكبر من البحث واعمق من النفس واوسع من السكون
ها انت من جديد تقتربين اشعر بك كالنهر الجارف المتدفق من اعلا النبع ليسير بشوق العذارى با سما للحقول الجميلة معانقا افق الحياة
انظر لآن الى اسمك الغريب غرابة روحك الطيبة
ومع اني نادرا ما اتوه بالاسماء ... الا انها تشدني احيانا حين اشعر برباط وثيق يجمع بين قدسيتها وشرقيتها وحاملها
فلتهزري بصوتك الرائع روعة الطيور ... فلقد ادركت للتو ان طيرا رائعا عذبا يهيم بين جسدك ونقاء روحك التي تغزوني بطقطقة جريئة وقوة بريئة وصمت غريب
فما الهزار سوى ترانيم عتيقة اشبه بألحان الكنائس وقت السحر ... بل هو دفئ الطبيعة حين تغطس الشمس بحضن البحر .... معلنة وفائها للوقت والزمن والتاريخ
قد تستغربين مني وتظنين اني ابيع الكلام بأنصاف النقود ... لكني اجدد قولي لكِ بأن البلاغة الاجمل وما تحمله من تشابيه واوصاف لا يمكن ان تخرج بصدق كما تخرج مني لآن
ولا اريد مقابل لأني اعلم ان الشعور بالاشياء يظل ثمينا كلما ازداد بلا مقابل ... وان حرقة الشوق تظل نقية كلما اتعبتها التصرفات اكثر
وأن الغربة هي حليف القلب المفجوع بألم الاتي الحزين ...
هزار .... دعيني انهي هذه القطعة الثمينة بلا اكتراث بما هو ات .... فكل ما علي فعله لآن هو الخروج بخيالي اليك لأكتب من جديد وارسم من جديد حياة اولها غربة واخرها غربة

برهان يونس \ ذكريات

غربة

امعنت النظر في كثير من الأماكن التي فقدت قيمتها
وتعاركت مع نفسي في تجاويف عتيقة بين حاضري ومحتواي
وتنهدت خلسة بين الليل والفجر وخيوط الوصل التي تلفني بحكمتها
محاولا ايجاد نفسي في هذا العالم الغريب الذي تمرد على كل شيئ
حتى صار غربة تسكنها غربة
ولا شيئ يوقظني
او حتى يعلٍّمني حِرفية اللغة الجديدة للعالم الجديد الذي انتقل اليه مع غبار
الحرب التي اخذت معها كل ما لدي
وبعد ان تلفت دموعي واجهد الوقت ملامحي
تخثرت االدماء في حلقي
وباتت تقتل الموت الباقي في احشائي وتستبدله بموت جديد اكثر هيبة واشد فتكا
اما انا فلست انا ... شيئ غريب يأخذ مكاني كما تأخذ الأخيلة حيزها في فراغ مجهول
ولا وقت للعودة في لحظة يقتل فيها عقرب الوقت , العقرب الذي يليه
ولو سألتني على ما عزمت ؟؟؟؟
لأجبت بالسكوت !!!!
فهو الاجابة الاكثر وضوحا عندما يفقد اللسان القدرة على مجاراة الحروف
وها انا اعجز عن صمتي بصمت آخر ,,, أشبه بأطراف الرجل المهاجر لحظة الغروب
وقد عزمت على الرحيل
رحيل فصّلته لي الدنيا بمقياس مدروس
وفق العقل والمنطق
فركبت نفسي بعد ان توارت روحي خلف المعالم الرمادية التي تربيت على اطلالتها
وحملت كثيررررا من ذاتي وتركت ما تبقى
كي يفترسه النسيان
فإن للنسيان حق عليّ ...
نعم تركت غبار الطفولة المجبول بالبراءة
وهموم المراهقة الأرجوانية في سهري الخالي
وثورة الشباب التي رسمت بها اول ذكرياتي
ونويت الرحيل ....
وها انا اقف على كل الماضي دفعة واحدة اجمع معه هول المسألة
واحاول استيعاب هذه المصيبة التي تحمل في احشائها شفاءً محدود
أوااااه يا قدري ويا وجعي
أوااااه يا نفسي ... هل سيصبح كل هذا ضبابا خاملا في سمائي
وسلـَِّماً لا عتبات له امام صعودي الى احلامي
اشعر بضيق يزلزل اركاني يهز تضاريسي
يوقذني من نوم جميل وحلم جميل كنت احفظه في حضن امي
وألم في أسفل كياني يشدني الى الوقوع بصمت امام قراري
وحرارة قاسية تغلف جدران معدتي كأنه الموت المفاجئ لحظة الميلاد
لكني احمل نفسي خجلا امام نفسي
وأشد على اقدامي لأستمد شيئا من القوة الزائفة امام جَلَدِيَ الباقي
اشعر بدوامة تأخذني لعالم غريب
تسكنه الرهبة الموحشة
وتغطيه الوهمية بستار لا صوت له ولا لون
اين انا ؟؟؟
سؤال ساذج امام تفاصيل الحياة التي اقود زمامها
ولا اجابة هذه المرة امام رحيلي الى غربة روحي
فما أصعب ان تقف امام مرآتك التي اعتدت على النظر اليها
ولكن هذه المرة يقابلك شخصا اخر عليها
له لون اخر وملامح اخرى عليها شمولية النقيض
ها انت تحكي ولا يقابلك حركة لشفاه كانت تتحرك بحرارة الشمس
وها انت تتلاعب بتفاصيل وجهك باللحظة التي يقابلك بها تمثال ابكم لا يعي ولا يتكلم
ولو لفت النظر الى جدرانك المليئة بالخربشات والصور المهترئة من ماضيك الجميل
لوجدتها بلا شيئ ... كأنك اتلفتها بنفس اللحظة
ولو نزلت ادراجك الى الطابق السفلي لما وجدت حقيقتك المعلقة على مدخل هذه الجلسة
لقد تقلصت هذه الحقيقة حتى بدت كأنها اطار لما خلفها من فراغ
ولو اغمضت عينيك وسط بيتك !!! هذا البيت الذي تربت فيه نفسك وترعرعت فيه اجزائك وعواطفك
لو اغمضت عينيك لتشتم رائحة المكان لوجدتها بلا رائحة
فلا شيئ سوى رائحة الطلاء الجديد
وبعض من اللاشيئ ... وغربة جديدة
ولو صحوت بين نفسك ونفسك فجأة محاولا المثول امام محكمة الواقع العادلة
لوجدت هول الظلم والخيانة لبعضك وكلك

وحتى لو جازفت وصرخت فلن تسمع سوى صوت نحيب الماضي الهارب منك نحوك
والشارد عنك اليك

ولو تكلمت بصدق ونفضت جسدك لوجدت انك لست هنا ...
لأنك هناك وما يملأ مكانك اليوم هو مكانك الماضي

وما عليك الا ان تصحو من غربة الروح التي ادْمَنْتَ على رائحة صبحها ومسائها
تريث قليلا وخذ نفسا عميقا ولا تستغرب مما هو حولك
فالاحداث تقتل بعضها عندما يموت الحب بسيف الكرامة
وتنتهي الاحلام بصحوة الواقع المر الذي هاجمك فجأة

فالموت هول امام الحياة وكلاهما مر امام فراق من نحب
لأن الحب عيون ترى ما لا تراه العيون
وفؤاد يحس ما لا تحسه الافئدة
وروح لا تموت
المكان بعيد
ابي
امي
اخوتي
احبتي
اموت اليوم قديسا امام رهبة الحياة
وعبدا امام عواطفي
وما اجمل العبودية التي تحمل حرية مجهولة المعالم في أرض ليست على سطح المجرة
وما ازكى رائحة التراب عندما تنمو الارض في حضن نفسها
يا إالهي اشعر بجسدي يشتاق الى غربة ابعد
اشعر بدفئ يتسرب الى معدتي فتخر قواي
والمس شيئا من الهواء الطليق الهارب من قيود الدنيا
كأنه يقترب مني ويقول :
يا ايتها الدنيا ويا ايتها الفصول
كم انا قاس على نفسي في لحظة اشد ما اكون بها الى الحنان
وكم انا ثورة امام سلام الجبناء
وقصة في ارواحهم لن تموت ابدا

فلينكروا وجودي كيفما شاؤو
وليحاولو نسيان ملامحي الزئبقية
ولينثروني طحينا في بساتين الضياع

ولن اطلب الحب ابدا لأني قبل كل هذا امنت بنفسي وبأن الحب
ارواح متقابلة وليست ارواحا تتقاسم اللحظات حينا وحينا

ايها المارون فوق حروفي
اللاهثين وراء دراما الكلمة
العابثين بلغة الحب والمشاعر
السابحين في عولمة الاحاسيس
تفننو كيفما شئتم وبكل ما شئتم
فالفن سيلعنكم يوما امام جمع المتذوقين للغة الفن
وفتتو محيطكم كيفما شئتم فالارض ستبني فوق اجسادكم مقبرة لمن يخلفكم
وانا سأبقى حيث انا اربي غربتي ,,,
هذه الطفلة الصغيرة
ويكفيني منها انها مؤلمة وآلامها تعيد لروحي جسدا نديا مبللا بالحب
ويكفيني انها صادقة تعلمني كيف اشتاق وكيف احب ومتى افعل هذا
واعلموا ان ما اتركه خلفي من حكمة ومعرفة
كفيل ان يضمد جرحي النازف من كبريائكم
لأني سعيد سعادة تغمر الارض رياحين ملونة
وسعادة خلفتها دموع صدقي وولائي لنفسي قبل ولائي لسعة المشاعر
التي تناقلتموها بعرباتكم وبعتم اجزائها بأسواقكم المغبرة

ستتنهد الارض فتلد فيلسوفا
وتصرخ السماء فتمطر عالما
وتحترق الشمس فتلد حكيما
وتجمع الغربة اجزائي لتجعل مني
فيلسوفا في محبتي لمن حولي
وعالما بتضاريس وجودي وصومعة حياتي
وحكيما بلغتي ووطني وعقيدتي بمن احب

سأقف لآن لأن شيئا ما في داخلي يموت وسأبدأ مراسم الغياب معه
وسأعود لأكمل لكم غربتي التي تحمل في طياتها لغة اكبر مما كتبت
ومعان اشمل لما وضعتْ
وتراتيل اعظم لما هو آت من تصرفات البشر الحمقاء
سأحكي بلغة الغربة انات المسافرين في مراكب المجهول
وسأمتطي خيول طروادة قاصدا جبال الشرق الثرية بالفقد والهجران
وسآخذ بعضا مني وبعضا مني
فانتظروني حينما يسقط المطر ولا تخافو انتظاري
لأقول لكم ان من نتوقع ان لا نحبهم لا ننساهم ابدا

كم جميل ان نترك فاصلة مبهمة لنأخذ بعض الانفاس
ونبتلع بعض مرار اللعاب الذي تلوثت به افواهنا
ثم نأخذ رشفة من الماء الداكن ... فلقد اخذ الماء ايضا لونا يشبه لوني وطعما اقرب ما يكون الي
ثم اغمض عيني عن الوجود محاولا زرع ما يجول في اوردتي التالفة هنا
ورائحة دمي الشاهد على حياتي
الواثق مني وثوق نفسي بنفسي
اعجب منك يا أنا ,,,
عندما أراك تكتب سطورك الفارغة وحروفك الفارغة وانا أعلم انها ستنتهي
مع انتهاء اول فصل لشتاء قادم
تنتهي كما تنتهي الدموع لحظة الموت
وتزول كما تزول الرياحين عندما تهب العاصفة
وتتلاشى كما الغبار لحظة الليل والنهار
واسخر منك يا أنا
اجدك ساذجا امام جبل من القدرة
عاجزا امام عظمة المستحيل
وانت الى لآن تحاول ان تلبس ثوبك الاسود وتحمل حقيبتك المملة وتتجه حيث الغروب
الى أين ؟؟؟؟؟
الى أين ؟؟؟؟
قل لي بحق صلتي بك وتغلغلي بأحشائك
الى أين
أي أرض ستحوي ما تحمله من اوجاع
وأي وطن سيقبل بك مواطنا متمردا على كل السنين
واي دهر سيحويك جائعا متشردا تتوق للقاء الاخرة وانت تحمل قيد الحياة
دعني ابكي ارجوك ,,, أبكي على هذا الدمار الذي يفتتنا ولا أحد حولنا
واليأس الذي يقتسم ظهورنا كما لو كان صاحب ثأر منّا
ماذا فعلنا لنكون على حافة الطريق منذ الميلاد
ماذا اقترفنا لنبكي وحدنا دما عاقدا حاقدا ساخنا

يا ايتها الصدفة ,,, لم يعد لدي غيرك لآن

فلا ماضٍ
ولا حاضر
ولا مستقبل
امام ما آلت اليه روحي

لم يعد لدي غيرك والملكية لآن ليست مطلقة
بل ان لك ايضا حق الرحيل عن عالمي المتسخ بالالام
ولكني ارجوك باللحظة الذي لم ارجوا بها مخلوق بعد
ان تجمعيني مرة واحدة بشيئ من الحب
فهو وحده الذي ما زال عالقا في سمائي
بعد ان هاجرت الغربان موطني وأقسمت ان لا تعود
لأبقى بلا سماء

اجمعيني مرة ببركان يحرقني فأصرخ من المي شوقا قبل ان اموت مللاً
ولا تقسي علي اكثر من هذا

فأنا منذ اللحظة وريث الضياع الضاحك امام مشنقة الحياة
انا اللاشيئ المجبول بالسكر لحظة الانكسار
دعيني اشدو ما أشاء فإن هذا كل ما اطلب
لأني بين فتات الاشياء اجالسس قبري لأكتب قصة النهاية
بين الغربة والغربة
وما بينهما لا تستطيع الشمس ان تحصيه
فكيف تحصي كونا ما هي الا حلقة صغيرة بين محتوياته
لا تموت الزهزر يا صديقة ... فإن بالغد القادم زهورا اخرى
لها ذاك البريق المنشود
والرائحة المسكيّة السلسة
لن يموت الحب يوما
لأنه خالد خلود الحياة
وباق بقاء المجرة

سأذهب بسكون الهالة البيضاء على ما تبقى من ذكريات تلحفت بفستان عرسك الابيض
سأغيب كأني لم اخلق ... لم أوجد ... لم احيا
سأتلاشى بلا معنى لتبقى حياتك بعدي قصة خرافية بعيدة عن الهم والألم
لأقصد المشوار الذي تمنينا ان نخطوه معا
هو ذاك المشوار بحد ذاته وامتيازاته بكل خرافاته
لكن هذه المرة أخطوه وحدي ... والوحدة انتي
البس معه معطفي والمعطف أنتي
واقصد تلك الطرق الملتوية في سطوح السهل والسهل انتي

أرجوك لا تتذكريني حتى لا يتعب قلبك اللطيف الذي لم يعتد يوما على التعب
لا تتذكريني حتى لا تسيل دموعك الثمينة فأغرق بتيارها المؤلم
وأعدك بأن أظل قابعا ما بين ارتباك الحلم وثبات الحقيقة
الحقيقة التي تشطرني نصفين
نصفي لا يعرف نصفي
فتسقط بين رياحين الماضي كل ملامحي
لأحال رجلا حياديا لا يتقن سوى لغة ثملى بك ...
لغة يسكنها وجعا شرقي الملامح ..
وجعا يمعن نزف وريدي بكل تفاصيله المتحركة
لأحيك له قصائدي الطلمسية عله ينام
فهل ينام الوجه مثلي عند المنام ...؟

ما زلت أسمع دبيب أقدام الغربة ..
تقتحم عتبات القلب الموجوع ..
أتسمر هناك...على كرسي الإنتظار
أتدرب على صنع قبلة بريئة مشاكسة
قبلة حفظت تراتيل الاستغفار فاستعففت ..!!
وصارت حيرتها مثقوبة
تسيل من ثقوبها كلمات الخوف المشوب باليقين
لتنبت بداخلي القصائد المخضبة بلوعة القلب
فتفقد معانيها المرهونة بالغربة
وتصير ابتسامة موؤدة ..على شفاه ترتجف
فهل شفاهك ترتجف كشفاهي..؟

كم مرة حاولت أن ألغي بيني وبينك بؤس المسافات
تلك ..المغزولة بخيوط الليل والنهار ؟
كالهارب ألوذ.. تحت جسر يعج بمارين ..
لم أر فيه سوى ملامحكِ الهلامية التي أقطفها من وجوههم
لأخزنها بذاكرة الروح..
لائذاًَ.. على أطراف أرصفة الأوقات الخالية إلا منكِ..
أحمل وجه بائعة الكبريت .. التي لا تراوح مكانها أرتجف تحت ظلال الشمس الحارقة ..
التي لم تفعمني إلا بالبرد ..
أرتشف هناك أكواب الشاي الموشومة ببصماتك.. وأقضم أرغفة الساعات الثقيلة..
لتسد رمق جوع انتظاري
أنتظر بريبة... امرأة ..
ترفض أن تتخفى لأغراضٍ عاطفية
ما عساي ان أفعل ؟
ما عساي ان أفعل ؟
وأنا ..الموغل في غابات نفسك
أعتلي شموخَ صفصافاتكِي الشامخة
أتَصاحبُ مع النوارس الساكتةَ فيك
النائمةَ على أغصانِك الحنونة
فهي مثلي..باقية هناك..
تستبسلُ..وتسكنها هواجس الولاء ..والتتشبث فيك

وانا أعلم ان انتظارك على عتبات هذه الحروف قد طال
ولكنك غبية غباء الاطفال المجانين
ألم تدركي حتى هذه اللحظة لما طلبت منك القدوم الى هنا
اوهل يصح بأن تظل فتاة جميلة مثلكي بين القبور
احضرتك بدافع الشوق الذي مزقني لحظة غيابك
احضرتك لأقول لك ان ما تجلسين عليه لآن هو قبري
وأن الانفاس التي تشتمين رائحتها اشتمها مثلك
وأن الاوراق الخريفية المتناقلة بين اهدابك تدغدغ دموعي
...........
كنت اتمنى ان تطول الكلمات اكثر لأظل قريبا منكِ اكثر
لكنها حبكة الغربة وقصة الغياب
اتلوها من جديد بوصية اتركها لكِ لآن على قبري البارد

ولا تبكي ولا تستغربي ... فلم تعد الحياة تعنيلي شيئا
وإنما جئت بك الى هنا لأخذ منك وعد الحياة والبقاء
وعدا أراهن عليه كل الاموات من حولي ... وكل المشتاقين الى احبة رحلوا عنهم كما رحلتي عني
دعيني اسمع كل سنة خبرا ... كل عيد او كل خريف
ارجوك رجاء تموت بعده كل الحياة ورجاءا لا رجاء بعده في رحلة الموت
كوني طيبة جميلة حنونة ولا تموتي في الحياة قبل ان تحيا بك الحياة وتكبر
اما انا فقصتي مع الغربة لم تنته بعد والمشوار الطويل سيكتب مزيدا من الذكريات

برهان يونس...
( غربة (خريف الامنيات

صعدوا على متن السفينة

صعدوا على متن السفينة
قاصدين مدينة

ركبوا بلا أشياء
وتناغم الوقت الحزين مع البكاء
وقصائد وحقائب وأصابع باتت تلوح للوداع بلا لقاء

البحر يهوي كلما اشتدت عيون الراحلين إلى السماء
وصفير هذا المركب الضخم اليتيم ينوح قهرا
ويبوح أسرارا لهذا الموج عن سر البقاء
وأنا أراقب قبلة المنفى وادرس تاريخ المدينة
صعدوا على متن السفينة

صعدوا على متن السفينة
لغربة الليل البهيم
فالبعض منهم ودع الأم الحبيبة
والبعض ودع زوجه وقريبه وحبيبه
والبعض ودع روحه
وأنا أراقب من بعيد
وكأن لي ما بينهم شيء غريب
شيء تدفق في عيوني
ونمى كما تنمو الزنابق في جفوني
ورأيتها كالعمر تلبس قبعة
وكأن عاصفة احاطت بالمكان
والهم اعصار يدب على ملامحها
وشطآني محاصرة بقهر الزوبعة
وتداري خلف حيائها شوق عجيب
أهي التي مرت علي والمنام حضنتها
أهي التي لما ذكرت الحب لاحت مثل ظل

ثم اعترفت بأنني موجوع

هذا انا

لم يدرك انه هنا
في هذه الزاوية الصغيرة سيترك حمله ويمضي
الى أين ؟
هو لا يعلم , لأنه وبكل بساطة يحاول قدر ما يستطيع ان يتخذ القرار
قرار مؤلم ...
فكيف سيترك كل هذه الذكريات دفعة واحدة كما تترك العناكب خيوطها المعقدة
لا اريد ان اتعب قلوبكم بكلماتي الحزينة
ولكن بودي ان اقول كلمة تخرج معها مستحقاتي في هذه الحياة
كلمة ابرهن للعالم بها انني المقتول على ارصفة الدنيا الظالمة
كلمة تتألم معها تفاصيل الألم
وتتعب معها كل تضاريس الارض
آآآآآآآآآآآآآآآه يا قلبي
وآآآآآآآآآآآآآآآه يا روحي
اي أرض ستحوي ما آلت اليه اقداري
واي مساحة في المجرة ستحمل ثقلي المجبول بالاوجاع
ليتني ما كنت انا !!!
ذلك الطفل الذي تناثرت احزانه قبل خطواته
فكان يتقن البكاء اكثر مما يتقن فن الكلام
ترعرع وهو يحمل سيل المسؤولية على عربته العرجاء
وكبرت دموعه قبل ان يرى النور
فكيف تكون الحياة عادلة بحق من تخثرت الاهات في شرايينه قبل ميلاده
وكيف يكون الدهر عادلا بحق طفل يرضع الشوك مرارة قبل الفطام
ويلعق الصبر مقدما قبل الطعام
حكاية كان لابد لي من سردها
والسرد قاصر امام الشعور بتفاصيلها الواقعة بين عضلة القلب وزحلقة العظام
من انا ؟؟؟ وأين عواطفي مني
شيخ اكل الشيب عمره وتعاركت التجاعيد على مساحات وجهه
يسكن في احشاء طفل لم يبلغ الرابعة عشر
معادلة عقيمة كان علي فهمها بأبعادها المختلفة
اقسمت ان اسير رغم قساوة الايام
وحاولت جاهدا ان اخرج من جروحي رغم سكناها في اقبية اوردتي
وبدأت الحكاية ...
19 كانون ثاني من العام الماضي كرست هذه الليلة الماطرة لتكون شاهدة على دموعي
وها انا اخطها والدمع يخلط حبري بدمعي

وطرقات مظلمة تتناثر امامي محاولة خداعي وليس معي من نور بصيرتي
وسيل خبرتي الا القليل
كبرت على هذا !!!
وما أصعب ان تكبر امام عينيك وانت تعلم ان ماضيك مؤلم
وما اقسى ان تسير طفولتك البائسة سابقة شبابك القادم
اتنهد كثيرا
ولا اتكلم الا بما تحتاج اللحظات من حكمة
فهي الوحيدة التي رافقتني في مشواري الطويل
تعلمت الصبر على الالم
والقوة على الهموم
والجلد امام عواصف الزمن المتسارعة
لا أنكر انني كنت انظر الى الاطفال كما لو كانو حلما اتوق اليه
ودمية جميلة اتمنى عناقها للحظة واحدة لأبكي سنينا مؤلمة اقسمت على الركوع ببابي

ثم نمت مع الدهر نوما لا راحة فيه
حتى صرت فتا تلعب الدنيا معه لعبة الموت وتخاف الخسارة
وتقلبت كل القساوة في قلبي كما تتقلب الجمرة في باطن النار
وتآكلت العاطفة من جنباتي كما تتآكل السيوف لحظة اللحام


****
***
**
*

ثم دخلت حياتي سنبلة خضراء تلوح الدنيا معها كلما لاحت
وتسربت الي قطرة نقية لا ملح فيها
وتعمقت في شراييني كما تتعمق النحلة في جوف الخلية
فاضفت الى حياتي بريقا تجددت معه كل ليالي المظلمة
وأنارت برقتها كل ساحتي الخالية
فأزهر القلب وتناغمت ابعاده راقصة معها رقصة الليل
وهي تلبس ثوبها الابيض والليل يهيم بها حبا واشتياقا
بكيت حينها وترددت كثيرا
لم أكن ادرك ان هذا يحدث لي فجأة
الطفل الذي مضغ المر ينهل من سيل الحلاوة براءة ورقة
والفتى الذي تنهدت الدمعة امام عينه يرى النور المتلفح بسكينة دافئة
لن اوهم نفسي على هذا !!
فأنا اعرف قدري
واتقن دروي التعيس
ثم اعود الى قلبي : ما بك تخفق بشدة وتهيج كما لو كنت سيلا جارفا
ثم اوبخ روحي قائلا : الا تهدئي قليلا , فأي طريق تحلقين به في زحمة الاماني
اواه يا انا ... ما الذي يجري
ومن هذه الرقيقة التي تمرد القلب لأجلها وثار
وهبت الروح خلفها كالنار
ومن انا في هذه اللحظة
وما هذه القوة الغريبة الي دفعتني للفضاء
فصرت اجمع الغيوم في مخدة والملم من البرق اضواء امدها لها في عتمة الطريق
وأصوات لموسيقى تنساب الي كما تنساب اللمسة في حضن العاشق
هي اصوات لمقامات غريبة ,,, وموسيقا ياني تترد بين اصداء اللحظات من جديد
تهز كياني وتنهل من عمقي وتختلط بماضي المؤلم فتنمو معه براعم من الامل القادم

وها انا اليوم بين غضب الماضي وما حمل لي معه من غبار
وبين حاضر مشرق تسطع من خلاله انوار الصباح
وبين هذا وذاك تقف السكينة سبيعن خريف
وتموج الذكريات خاطفة معها كل العمر دفعة واحدة رمادية
ولكني اراكِ لونا بنفسجيا يملأ اكتوبر بعبق النرجس واللافندر

يا الهي من تكون هذه الملكة التي احتلت عرش قلبي ولونت كل الرماديات المكدرة في تاريخي
من هي هذه الملائكية الشفافة السمراء
التي افاقت معها عواطفي المسلوبة مني منذ طفولتي
ومسحت دمعتي التي اقسمت على ان لا تفارق مقلتي

من تكون هذه الفتاة التي اعادتني طفلا يحتضن الحنان ويبيعه في اسواق العاشقين بلا نقود
من تكون هذه الرائعة التي مدتني بحبال التواصل مع مستقبلي البعيد
حتى صرت ارسم خطوطي بدقة بديهية
واغوص في تراكيبي بعفوية مطلقة
واجوب الارض في لحظة اجمع في مسلات الاماني عبق الحب
وسنابل العشق
واتعمق في كل تفاصيل الاشياء فأرى بالخفاء ما لا يرونه بالنور
والمس بحرارة جسدي شوق المارين على اودية المنحدرات
صرت احاكي الطيور واخاف من لحظة الغياب
واخط من خلال نافذة صغيرة اسرار كثيرة تحفظها النجوم بحرفيتها
ويصوغها القمر انشودة موقعة على نسيم البوادي الخضراء
من تكون هذه الجميلة الي لفت حول خصرها النهدي ملامس الورد
وحضنت روحي في صدرها الممتلئ برائحة البساتين لحظة المطر

من تكون
من تكون
من تكون

أسئلة طرحتها من البداية وها انا أقف على حافة النهاية بلا اجوبة
أقف مع يراع الماضي المؤلم بكل تأوهاته بلا معرفة
واحاور نفسي بين صمت الذهول وصراخ الشوق الى الآتي
يا الهي وصلت الى هنا وحدي
وليس معي سوى اطيافها البنفسجية
وصلت الى حيث كنت اخاف الوصول
حب عارم وصومعة لأشواق هائجة تدب في عرض الدنيا فتقطع سهولها كالبرق
وتشق جبالها كالرعد , وانا اشعر بكل شيئ وحدي
لست ادري اي طريق اسلك واي منعطف اتجه
وانا بين هذي وتلك حلقة مغلقة تفتتها الاحلام الماضية
وتنشلها من بين انياب الذكريات قصة خرافية....
لن تحقق ؟
لن تنجو ؟
لن تكبر ؟
لن ترى النور ؟
لماذا أنا ايها القدر ولماذا قلبي هو الوحيد الذي حار بين سكوت من احب
وكبرياء المحِب .
ولماذا انا وسأقول لماذا لأن البداية اجبرتني على قولها
وما اجمل البداية ,
ما اجمل ان ترسم الوانك مع نسائم الصفحات الاولى
تبنيها على أمل العشق المعتق بقوارير الصفاء الخالد
وتبدأها مع اشراقة كل وردة احبت الحياة لأجل الحب فقط
سأكتب بدمعي قصة النهاية كما كتبت البداية حين كنت طفلا عذبته الدنيا
وجلدته بصوت السكينة وصلبته على عتبات الرهبة والحرمان
وسأعود
وعودتي هذه المرة وحيدا مع قلبي
فهو الوحيد الذي لا ينكر اشواقي ولا ينفر من احزاني
سأعود عودة تهتز معها معايير الارض الغبراء
عودة تتمزق معها كل معاني الرهبة وحب البقاء
عودة تتناثر عبرها دموعي السمراء
ولن تكون النهاية ... سـتكون بداية جديدة لقلب احب فأخلص
وعشق فتمرد على الدنيا ليكتب قصة عشقه بماء الذهب الخالص على جدران الزمن اللامتناهي
قصة تطوف حولها القلوب راكعة لجبروتها وبياض سرها وسريرتها
اما هي فلتخلد في قلبي حيث احببت لها ان تكون
ولتنم على هفهفات الحب المجبول بدمي
ولست نادما على هذا
فهي من اختارت وهي من ارادت وما اجمل ارادة من نحب
ما اجمل ان نقبل بحلول المحبوب مهما كانت مؤلمة
ما اجمل ان نسكت ونبتسم اليها بطفولة حتى وان كانت عذاب تحركه الدنيا بمعول من نار
وسأبقى لها ما حييت ,,, ابقى حيث ارادت لي ان اكون!!!
البعيد القريب ام القريب البعيد
ام الاوجه الاخرى لمعادلة الغربة المؤلمة
وها انا ما زلت رجلا قويا يخنق الدنيا ولا يبكي
ويحاربها بسيف من كبرياء
ويقف واثقا متجلدا على ابوابها لا يقبل الشفقة

اما قصتي معك فهاك اضعها بين كفاكِ
لعلي لا أقابلك وألقاكِ
لعلي بعد هذا
لن اصافح شهد شفتيك وعيناكِ

فها هي امامك لوحة مجردة المعالم
تحتاج منك الى بصمة تتركينها فترى النور
ولتكن ما تكون
فأنا هنا وما زلت هنا وسأبقى .........

.....................
ذكريات برهان يونس