الثلاثاء، 27 يوليو 2010

هذا انا

لم يدرك انه هنا
في هذه الزاوية الصغيرة سيترك حمله ويمضي
الى أين ؟
هو لا يعلم , لأنه وبكل بساطة يحاول قدر ما يستطيع ان يتخذ القرار
قرار مؤلم ...
فكيف سيترك كل هذه الذكريات دفعة واحدة كما تترك العناكب خيوطها المعقدة
لا اريد ان اتعب قلوبكم بكلماتي الحزينة
ولكن بودي ان اقول كلمة تخرج معها مستحقاتي في هذه الحياة
كلمة ابرهن للعالم بها انني المقتول على ارصفة الدنيا الظالمة
كلمة تتألم معها تفاصيل الألم
وتتعب معها كل تضاريس الارض
آآآآآآآآآآآآآآآه يا قلبي
وآآآآآآآآآآآآآآآه يا روحي
اي أرض ستحوي ما آلت اليه اقداري
واي مساحة في المجرة ستحمل ثقلي المجبول بالاوجاع
ليتني ما كنت انا !!!
ذلك الطفل الذي تناثرت احزانه قبل خطواته
فكان يتقن البكاء اكثر مما يتقن فن الكلام
ترعرع وهو يحمل سيل المسؤولية على عربته العرجاء
وكبرت دموعه قبل ان يرى النور
فكيف تكون الحياة عادلة بحق من تخثرت الاهات في شرايينه قبل ميلاده
وكيف يكون الدهر عادلا بحق طفل يرضع الشوك مرارة قبل الفطام
ويلعق الصبر مقدما قبل الطعام
حكاية كان لابد لي من سردها
والسرد قاصر امام الشعور بتفاصيلها الواقعة بين عضلة القلب وزحلقة العظام
من انا ؟؟؟ وأين عواطفي مني
شيخ اكل الشيب عمره وتعاركت التجاعيد على مساحات وجهه
يسكن في احشاء طفل لم يبلغ الرابعة عشر
معادلة عقيمة كان علي فهمها بأبعادها المختلفة
اقسمت ان اسير رغم قساوة الايام
وحاولت جاهدا ان اخرج من جروحي رغم سكناها في اقبية اوردتي
وبدأت الحكاية ...
19 كانون ثاني من العام الماضي كرست هذه الليلة الماطرة لتكون شاهدة على دموعي
وها انا اخطها والدمع يخلط حبري بدمعي

وطرقات مظلمة تتناثر امامي محاولة خداعي وليس معي من نور بصيرتي
وسيل خبرتي الا القليل
كبرت على هذا !!!
وما أصعب ان تكبر امام عينيك وانت تعلم ان ماضيك مؤلم
وما اقسى ان تسير طفولتك البائسة سابقة شبابك القادم
اتنهد كثيرا
ولا اتكلم الا بما تحتاج اللحظات من حكمة
فهي الوحيدة التي رافقتني في مشواري الطويل
تعلمت الصبر على الالم
والقوة على الهموم
والجلد امام عواصف الزمن المتسارعة
لا أنكر انني كنت انظر الى الاطفال كما لو كانو حلما اتوق اليه
ودمية جميلة اتمنى عناقها للحظة واحدة لأبكي سنينا مؤلمة اقسمت على الركوع ببابي

ثم نمت مع الدهر نوما لا راحة فيه
حتى صرت فتا تلعب الدنيا معه لعبة الموت وتخاف الخسارة
وتقلبت كل القساوة في قلبي كما تتقلب الجمرة في باطن النار
وتآكلت العاطفة من جنباتي كما تتآكل السيوف لحظة اللحام


****
***
**
*

ثم دخلت حياتي سنبلة خضراء تلوح الدنيا معها كلما لاحت
وتسربت الي قطرة نقية لا ملح فيها
وتعمقت في شراييني كما تتعمق النحلة في جوف الخلية
فاضفت الى حياتي بريقا تجددت معه كل ليالي المظلمة
وأنارت برقتها كل ساحتي الخالية
فأزهر القلب وتناغمت ابعاده راقصة معها رقصة الليل
وهي تلبس ثوبها الابيض والليل يهيم بها حبا واشتياقا
بكيت حينها وترددت كثيرا
لم أكن ادرك ان هذا يحدث لي فجأة
الطفل الذي مضغ المر ينهل من سيل الحلاوة براءة ورقة
والفتى الذي تنهدت الدمعة امام عينه يرى النور المتلفح بسكينة دافئة
لن اوهم نفسي على هذا !!
فأنا اعرف قدري
واتقن دروي التعيس
ثم اعود الى قلبي : ما بك تخفق بشدة وتهيج كما لو كنت سيلا جارفا
ثم اوبخ روحي قائلا : الا تهدئي قليلا , فأي طريق تحلقين به في زحمة الاماني
اواه يا انا ... ما الذي يجري
ومن هذه الرقيقة التي تمرد القلب لأجلها وثار
وهبت الروح خلفها كالنار
ومن انا في هذه اللحظة
وما هذه القوة الغريبة الي دفعتني للفضاء
فصرت اجمع الغيوم في مخدة والملم من البرق اضواء امدها لها في عتمة الطريق
وأصوات لموسيقى تنساب الي كما تنساب اللمسة في حضن العاشق
هي اصوات لمقامات غريبة ,,, وموسيقا ياني تترد بين اصداء اللحظات من جديد
تهز كياني وتنهل من عمقي وتختلط بماضي المؤلم فتنمو معه براعم من الامل القادم

وها انا اليوم بين غضب الماضي وما حمل لي معه من غبار
وبين حاضر مشرق تسطع من خلاله انوار الصباح
وبين هذا وذاك تقف السكينة سبيعن خريف
وتموج الذكريات خاطفة معها كل العمر دفعة واحدة رمادية
ولكني اراكِ لونا بنفسجيا يملأ اكتوبر بعبق النرجس واللافندر

يا الهي من تكون هذه الملكة التي احتلت عرش قلبي ولونت كل الرماديات المكدرة في تاريخي
من هي هذه الملائكية الشفافة السمراء
التي افاقت معها عواطفي المسلوبة مني منذ طفولتي
ومسحت دمعتي التي اقسمت على ان لا تفارق مقلتي

من تكون هذه الفتاة التي اعادتني طفلا يحتضن الحنان ويبيعه في اسواق العاشقين بلا نقود
من تكون هذه الرائعة التي مدتني بحبال التواصل مع مستقبلي البعيد
حتى صرت ارسم خطوطي بدقة بديهية
واغوص في تراكيبي بعفوية مطلقة
واجوب الارض في لحظة اجمع في مسلات الاماني عبق الحب
وسنابل العشق
واتعمق في كل تفاصيل الاشياء فأرى بالخفاء ما لا يرونه بالنور
والمس بحرارة جسدي شوق المارين على اودية المنحدرات
صرت احاكي الطيور واخاف من لحظة الغياب
واخط من خلال نافذة صغيرة اسرار كثيرة تحفظها النجوم بحرفيتها
ويصوغها القمر انشودة موقعة على نسيم البوادي الخضراء
من تكون هذه الجميلة الي لفت حول خصرها النهدي ملامس الورد
وحضنت روحي في صدرها الممتلئ برائحة البساتين لحظة المطر

من تكون
من تكون
من تكون

أسئلة طرحتها من البداية وها انا أقف على حافة النهاية بلا اجوبة
أقف مع يراع الماضي المؤلم بكل تأوهاته بلا معرفة
واحاور نفسي بين صمت الذهول وصراخ الشوق الى الآتي
يا الهي وصلت الى هنا وحدي
وليس معي سوى اطيافها البنفسجية
وصلت الى حيث كنت اخاف الوصول
حب عارم وصومعة لأشواق هائجة تدب في عرض الدنيا فتقطع سهولها كالبرق
وتشق جبالها كالرعد , وانا اشعر بكل شيئ وحدي
لست ادري اي طريق اسلك واي منعطف اتجه
وانا بين هذي وتلك حلقة مغلقة تفتتها الاحلام الماضية
وتنشلها من بين انياب الذكريات قصة خرافية....
لن تحقق ؟
لن تنجو ؟
لن تكبر ؟
لن ترى النور ؟
لماذا أنا ايها القدر ولماذا قلبي هو الوحيد الذي حار بين سكوت من احب
وكبرياء المحِب .
ولماذا انا وسأقول لماذا لأن البداية اجبرتني على قولها
وما اجمل البداية ,
ما اجمل ان ترسم الوانك مع نسائم الصفحات الاولى
تبنيها على أمل العشق المعتق بقوارير الصفاء الخالد
وتبدأها مع اشراقة كل وردة احبت الحياة لأجل الحب فقط
سأكتب بدمعي قصة النهاية كما كتبت البداية حين كنت طفلا عذبته الدنيا
وجلدته بصوت السكينة وصلبته على عتبات الرهبة والحرمان
وسأعود
وعودتي هذه المرة وحيدا مع قلبي
فهو الوحيد الذي لا ينكر اشواقي ولا ينفر من احزاني
سأعود عودة تهتز معها معايير الارض الغبراء
عودة تتمزق معها كل معاني الرهبة وحب البقاء
عودة تتناثر عبرها دموعي السمراء
ولن تكون النهاية ... سـتكون بداية جديدة لقلب احب فأخلص
وعشق فتمرد على الدنيا ليكتب قصة عشقه بماء الذهب الخالص على جدران الزمن اللامتناهي
قصة تطوف حولها القلوب راكعة لجبروتها وبياض سرها وسريرتها
اما هي فلتخلد في قلبي حيث احببت لها ان تكون
ولتنم على هفهفات الحب المجبول بدمي
ولست نادما على هذا
فهي من اختارت وهي من ارادت وما اجمل ارادة من نحب
ما اجمل ان نقبل بحلول المحبوب مهما كانت مؤلمة
ما اجمل ان نسكت ونبتسم اليها بطفولة حتى وان كانت عذاب تحركه الدنيا بمعول من نار
وسأبقى لها ما حييت ,,, ابقى حيث ارادت لي ان اكون!!!
البعيد القريب ام القريب البعيد
ام الاوجه الاخرى لمعادلة الغربة المؤلمة
وها انا ما زلت رجلا قويا يخنق الدنيا ولا يبكي
ويحاربها بسيف من كبرياء
ويقف واثقا متجلدا على ابوابها لا يقبل الشفقة

اما قصتي معك فهاك اضعها بين كفاكِ
لعلي لا أقابلك وألقاكِ
لعلي بعد هذا
لن اصافح شهد شفتيك وعيناكِ

فها هي امامك لوحة مجردة المعالم
تحتاج منك الى بصمة تتركينها فترى النور
ولتكن ما تكون
فأنا هنا وما زلت هنا وسأبقى .........

.....................
ذكريات برهان يونس

ليست هناك تعليقات: